لعنة كين ….. ثاني رواية باللغة الإنكليزية للدكتور فوزي الهنداوي
صدرت باللغة الانكليزية رواية الكاتب الدكتور فوزي الهنداوي بعنوان لعنة كين قبل أشهر عن دار ماستر الكندية وهي الرواية الثانية للكاتب التي تصدر بالإنكليزية عن إحدى دور النشر الغربية. فقد سبق وإن صدرت روايته الأولى – على أمل أن نعيش – بالإنكليزية عام 2015 بعد سنة من نشر النسخة العربية لها.
لعنة كين رواية مؤثرة استطاعت أن تخاطب المتلقي الغربي ليس بلغته فحسب إنما انطلاقاً من خزينه الثقافي ومرجعياته الفكرية.
تقصد الهنداوي كتابة هذه الرواية بهذا الأسلوب الذي يحاكي أساليب الكتاب الغربيين ويلامس رغبات القارئ الغربي العادي الذي يبحث لا عن المتعة الأدبية فقط إنما ينبهر بما هو غريب ومدهش وأسطوري.
عنوان الرواية – لعنة كين –يثير الاستغراب ويطرح العديد من الأسئلة، من هو كين؟ ولماذا اللعنة؟ ماذا أراد الروائي من هذا العنوان بالذات؟ ما هي الشحنة السيميائية التي يحملها؟
العنوان يثير الفضول حقاً فيدفع إلى البحث عن دلالات العنونة في متن الرواية، وهذه أول نقطة تسجل للكاتب الذي نجح في اختيار عنوان جاذب للقارئ، وتلك إحدى أهم وظائف العنوان التي لا يوليها العديد من كتاب الرواية أهمية للأسف.
العنوان مستنبط من أسطورة بدائية هي ليست الأسطورة الوحيدة التي أعاد الروائي إنتاجها لتحقيق غايات محددة، فقد وظف العديد من أساطير الغجر في العالم ونسج من خلالها متنه الروائي بعد ربطها بقضايا العصر.
تشير الأسطورة إلى أن كين هو الجد الأول للغجر، للبشرية ثلاثة أجداد، الأول للبيض والثاني للسود والثالث للغجر وهو كين.
كين هذا بحسب الأسطورة، كان فاسداً يتعاطى الخمر بكثرة وقد قتل أخاه كما أنه ساهم في صلب السيد المسيح عليه السلام من خلال صنعه للمسامير التي دقت في الصليب الذي علق السيد المسيح عليه، فغضب الرب على كين ولعنه وقرر تشتيت ذريته في الأرض، لا وطن لها ولا استقرار، عقاباً لما اقترفه جدهم الأول. فأصيب جميع الغجر بهذه اللعنة إلى اليوم، وظلوا يسددون ضريبة خطيئة كين.
عند الانتهاء من قراءة فصول الرواية وهي قصيرة تجد أن العنوان قد فكك ووزع على جميع الفصول، وتلك التقانة ذكية أخرى. فالعنوان عتبة مهمة لابد أن تجد صداها في أجزاء العمل الروائي.
أجمل ما في الرواية استهلالها الذي يتسم بشعرية وجمالية ذات دلالات عدة. الاستهلال قصيدة نثر بأسلوب سردي مكثف ومركز يعتمد ما يسمى بالاقتصاد اللغوي. أما مضمونه فهو على لسان آخر شابة غجرية يتم طردها بالقوة من المدينة التي ولدت وتربت وكبرت فيها، هذه المرأة الغجرية تخاطب جدها الأول كين وتعاتبه على فعلته الأولى التي أورثت شعب الغجر اللعنات والتهجير والترحال والتشتت في بقاع العالم.
تقص المرأة الغجرية – شعراً – مأساة الغجر وما آل إليه مصيرهم الحزين والمؤلم ثم تنتقل إلى مخاطبة جارها وصديقها العربي الوحيد لتشكره وتودعه قبل رحيلها الأبدي.
استطاع الهنداوي أن يلخص مأساة الغجر منذ الخليقة إلى الآن بهذا الاستهلال المشوق الذي يرغمك على متابعة الرواية لاكتشاف الأسرار والحكايات والمآسي.
يقول مترجم الرواية إلى اللغة الإنكليزية التدريسي حازم مالك محسن أنه قد اتخذ قراره بترجمة هذه الرواية مباشرة بعد قراءة استهلالها وتأثره به لجماليته وقدرته على الاختزال والتكثيف والإيحاء، إنه يلخص الرواية بأكملها.